24.4.06

عبرة "للمستقبل"

ان صوت افراد كتلة تيار المستقبل لا يعلو ويرتفع ولا تكتظ كلماتهم شراً الا على العماد عون حين يلقي الضوء على حقيقتهم السوداء، والاندفاع في الرّد عليهم ليس بذي أهمية بقدر ما هو واجب على الاحرار لاظهار الحقيقة للرأي العام لأن الأهمية والقيمة تكمنان في الشعب اللبناني وليس في مختلقي الأقاويل وناشري الأخبار الملفقة.

هل لتيار المستقبل ان يشرح لنا عدائية خطاب العماد عون ونحن لم ننسَ بعد اسلوب الخطاب الذي اتبعته جماعة "زي ما هيي" خلال فترة الانتخابات اعلامياً وعملياً على الأرض وفي الساحات، ولم يكن بعد للعماد عون في لبنان سوى بضعة أيام او ربما اسابيع، ولم ننسَ ايضاً كلمة "على ما يبدو" التي بدأ تلفزيون وجريدة المستقبل استعمالها في كل المقدمات والمناسبات لتحليل سياسة العماد عون ياستنتاجات على ما يبدو ارادوها كمرآة لنفوسهم الصغيرة المغرورة كوصفه بالمدافع عن سوريا والمتحالف على ما يبدو مع رموزها والى ما هنالك من الاتهامات له ولحلفائه متناسين ان حلفاء الجنرال اليوم كانوا من اقرب المقربين لحكومات الأمس ولرئيسها بشكل خاص ولكن شاءت الأقدار ان ترحل سوريا عن لبنان ويظهر كل على حقيقته بمقاييس الوفاء والغدر والدوران "على حسب الريح".

اما بالنسبة للمفهوم العام للديمقراطية يا سادة، فهو قبول حق الآخر في المنافسة وابراز شخصه للوصول الى تحقيق طموحاته في السلطة او خارجها بعيداً عن استعمال اسلوب الترهيب والترغيب ولا حتى العنف المعنوي والجسدي وهذا حق مشروع لكل انسان في الطموح لاستلام السلطة او معارضتها، كما لانتخاب من يريد وترحيل من لا يريد كحقه تماماً في اختيار شريك حياته وممارسته طقوسه الديانة كما يتوافق ومبادئه اضافة الى قناعته المكتسبة من تربيته والتجارب التي يمر بها خلال المراحل المتتالية في حياته المهنية والعملية والعاطفية... اما مفهومكم للديمقراطية خاص جداً وهو يعكس اخلاقكم المادية البحتة التي لا تعرف الا منطق المال والتجارة اذ بها تتاجر بمفهوم الناس للحريات بسرقة حقهم وصوتهم الحرّ اذ سمحتم لانفسكم مثلاً مراراً وتكراراً بتشويه صورة التيار الوطني الحر ياتهامه بالكذب والتلفيق بالرغم من الحقيقة الناصعة الواضحة حين مثلاُ بادرتنا مذيعة النشرة الاخبارية صباح الاثنين بعد انتخابات منطقة زحلة بالجملة التالبة: "تدعي ماكينة التيار الوطني الحر انها فازت والكتلة الشعبية باللائحة كاملة مع خرق واحد للوزير نقولا فتوش اما الواقع وكما اكدت المصادر (هنا فقط للتوضيح، في وسائل الاعلام اللبنانية المصدر يكون نوايا الصحافي المبطنة التي يود لو تتحقق) ان لائحة الوزير فتوش فازت كاملة بخرق وحيد للسفير فؤاد الترك" وهنا نعرف يماماً من كان المدعي. أهكذا تكون الديمقراطية، باسلوب النكران والاتهام والتلفيق، نعلم جيداً انكم رغماً عنكم تقبلتم طموح التيار الوطني الحر وسوف تقبلون مرغمين وتعترفون شئتم ام ابيتم بنجاحات التيار الوطني الحر لأن الحقيقة ستظهر على امتداد مساحات الوطن عاجلاً أم آجلاً كما ظهرت في زحلة الأبية... والاعتراف بالآخر وبوجوده هو الصيغة الأساسية في ممارسة الديمقراطية كوسيلة حكم وفلسفة حياة (كما يشرحها د. نواف كبارة وغيره من الديمقراطيين الحقيقيين).

لا أحد يستغل الظروف المأساوية التي ادت لاستلام النائب سعد الحريري السلطة، الكل يعلم من استغل دم الحريري في حملاته الانتخابية، فكان الاستغلال يأتي من اهل بيته أي أهل الحكم اليوم بغاية الوصول الى تحقيق هدف الأكثرية معلنين جهاراً ان من يترشح ضد لائحتهم يكون قد ساهم بطريقة او باخرى باغتيال رفيق الحريري وان لولا هذه الشهادة لما تحرر لبنان وكأن الرئيس الحريري كان على الجبهة المقابلة لسوريا وللتذكير فقط انهما كانا في الجبهة عينها وان كانت سوريا او اي طرف آخر قد اقدم على هذه الجريمة النكراء ولكن هذا لا يعني ان الرئيس الحريري ارادها لنفسه من أجل لبنان والا لما كان وقّع قانون التمديد بل لكان قدم استقالته دون التوقيع ولكن على ما يبدو ان الظروف عاكسته وفاجأت الآخرين فلم يجدوا تبريراً لتوقيعاتهم الا القاء اللوم على سوريا، ونود تذكير هؤلاء بأن العماد عون ليس هو من انتهك الدستور انما الزعامات الميليشياوية التي حكمت كل تلك السنوات منذ انتخاب الرئيس الهراوي والتمديد له الى تسلم الرئيس لحود الرئاسة بعد تسليمه قيادة الجيش بحجة الطائف والشرعية المعترف بها دولياً وعربياً وايضاً انتهاك الدستور بالتمديد للعماد لحود ولكن الغريب ان الضمير الوطني صحا كما العنفوان والكرامة عند طلب التمديد فبدأ الاعتراف بالتدخل السوري والأغرب انه لم تصح الشهامة والبطولة الا بعد الامضاء على التمديد فبدأت بعدها الاستنكارات والاستقالات ولكن للتذكير ايضاُ ان الاحرار لا يخضعون، قد يسحقون ولكن لا يوقعون. وها نحن نرى هؤلاء الآن يلبسون تهمة الابقاء على الرئيس لحود للعماد عون وكأنه اما نمشي معهم في مشروع بلع الدولة بعد انتهاء مشروع ضم لبنان واما نكون خونة ... ولكن خونة لمن؟ لمصالحهم طبعاً ولكن الأكيد ليس للوطن...

والسؤال الذي نود طرحه هو اين كان يعيش الشيخ سعد الحريري وماذا يعرف عن لبنان وسياسته ملتوية كانت ام صحيحة؟ فهو لا يعرف سوى من كان يراهم على التلفاز يغازلون والده ولكن الحقيقة انهم كانوا يستغلونه كما يفعلون معه اليوم للاستمرار في السرقة والنهب وتفقير الشعب لشرائه وذلّه ولو بسعر ربطة الخبز بعد ان يكسر الجوع رأسه ويحطم كرامته. كما وان العماد عون صرح أكثر من مرة ان سعد الحريري طيّب ولكن المحيطين به ليسوا بذلك وبتحدثه عن عدم النضج الكافي اليوم هو يستكمال القول السابق نفسه اذ ان الشيخ سعد يستمع لما يقوله الآخرون ويتأثر بهم كونه لا يملك الأساس القوي بعد في تكوينته السياسية، وهذا باعترافه هو أيضاً حين سئل لما لا يتولى رئاسة الحكومة يوم اختيار الرئيس السنيورة فاجاب انه "ما زال مبتدئاً في السياسة"، وهذا طبعاً ليس بخطيئة ولكنه الواقع وخاصة عندما يكون التعامل مع اطراف محنكين سياسيا،ً فخبرة بضعة شهور لا توازي 30 سنة من خبرات يملكها الآخرون. وايضاً لن ننسى بان العماد عون طرح حكومة أقطاب لمرات عديدة دون الممانعة في ان تكون برئاسة الشيخ سعد، وهذا دليل على طرح المشاركة في صنع الوطن وايجاد الحلول لمشاكل الوطن.

أما بالعودة "للاوعي في ممارسة الديكتاتورية"، ان من حق اي شخص التعبير عن رأيه في ممارسات الآخرين وخاصة عندما يملكون خبرة كبيرة وطويلة، واللا خبرة هذه قد تؤدي الى اخطاء غير مقصودة، فأين تكمن الاهانة؟ فهل ديكتاتورية الشيخ سعد مقصودة؟ اذاً نعتذر عن التبرير المقصود!

اضافة الى ذلك، نشكر لكم اعترافكم بثقافة العماد عون الواسعة والمتشعبة بين العسكر والسياسة وعلم النفس حتى. وان كنتم تقصدون الاهانة بالقول ان العماد عون مطّلع جيداً على "فرويد"، وانطلاقاً من كوني عالمة نفس اوّد ان اطلع الرأي العام على ان "فرويد" هو مدرسة في حد ذاته كالدكتور وديع الصافي في الفن، وانشتاين في العلوم وجبران في الأدب وانه لمن المهم جداً لاصقال شخصية الانسان لمعرفة كل الامور النفسية والجسدية هو الاطلاع على تحاليل واكتشافات "سيغموند فرويد" العالم الأبرز؛ فالاهانة ليست في محلها!

أما بالنسبة لما دفع الشعب اللبناني من أثمان، يجب ان يعلم الجميع ان الشعب اللبناني دفع ثمناً باهظاً لكل من حكم خلال الحقبة السابقة، والمعارك العسكرية التحريرية هي شرف وليست بعار، وبعد مرور 15 سنة فهم اللبنانيون ان حرب العماد عون على الاحتلال والموت حينها كان أشرف بكثير من العيش في ظل ذاك الوجود الفاسد الفاسق. أما بالنسبة ل 7 آب وكل التواريخ الأخرى الملطخة بفجور الهيمنة السابقة، ان من يغسل الأدمغة وينوم مغناطيسياً هو تيار المستقبل لأنه يريد ان "يتخبى بخيال أصبعه" متناسياً انه هو من كان يستلم زمام السلطة آنذاك ولن ننسى ان في احدى حلقات ماغي فرح على MTV التي استقبلت فيها الرئيس الشهيد الحريري اتصلنا عبر الهاتف كهيئة طلابية من كلية الآداب والعلوم الانسانية –الفرع الثاني- للمطالبة برحيل الجيش السوري من مبنى الجامعة فكان الرد "ممنوع منعاً باتاً طرح أسئلة من هذا النوع" وكان الفيتو وعدم تحويل الخط على الهواء او السؤال لماغي هو سيد الموقف.

ولن ننسى ان من اقفل ال MTV واضطهد شبابنا ب 7 و 9 آب وسجن د. عكره وما زال يسجن كتابه وقلمه ومن اعتقل العميد لطيف وغيرهم من الأحرار المثقفين والمناضلين و سجن د. حبيب يونس و د. سمير جعجع و تسبب للدولة ب 40 مليار دولار دين ليس العماد عون وليس بسببه ايضاً انما وزراء الحكومات السابقة والكل يعلم بقيادة من كانت، حتى ولو كانت القرارات فردية في بعض الأحيان ولكن الكل يعلم ايضاُ انها لو لم تكن مباركة من الرئيس ودولة الرئيس لما كانت نفذت. ولكي نصدق حقاً انهم تغيروا ايجاباً ليس عليهم شتيمة سوريا ليل نهار بل عليهم الاعتذار من الشعب اللبناني اولاً، واعادة الأموال الى الدولة ثانياً لأنه بعد الانسحاب السوري لسنا بطامعين بالشتائم تجاه سوريا ولا بتغيير نظامها بعثياً كان ام قومياً انما باصلاح ما تدمر في لبنان واعادة تأهيل البشر والحجر.

ان التهويل للعماد عون اليوم بحقبة استلامه رئاسة الحكومة سابقاً، واتهامه بمساندة سوريا وعملائها، يذكرنا بملفه الذي هولتم به لسنوات بعد ان سقط فراغه كالصاعقة عليكم وتكللت العدالة بعودة العماد الى الوطن من منفاه الذهبي كما تدعون، وها تعود السيدة جلول بخبرتها الواسعة في "القانون والسياسة" لتشويه صورة العماد عون باختلاق ملفات جديدة تشغل بها مخيلتها لتنقلها انعكاساً لصورتها الى الآخرين، وهي التي لم نسمع صوتها الا في اسطوانة 2005 "بدنا الحقيقة كل الحقيقية" وغابت بعدها الى حين اصدار اسطوانة 2006 الجديدة التي تتميز بموّالين: الأول رحيل لحود والثاني رأس العماد عون... يا ليل يا عين!

ان الشبق الغرائزي للسلطة لم يكن يحركه الا جماعة الأكثرية بمالهم السياسي وتكاليفهم الشرعية ومن ثم استغلالهم مشاعر الأحرار في 14 آذار معتبرين أنفسهم ابطال التحرير متناسين انهم ابطال التعتير منذ زمن بعيد، ولكن فليعلموا ان الشعب لم يتواجد في ساحة الشهداء والحرية من اجلهم بل من اجل لبنان لأن الشعب لا يحتاجهم أما هؤلاء الزعماء يحتاجون الشعب بكل قواه للمحافظة على السلطة من خلال اكثرية برلمانية وحكومة سنيورية، أما الدليل على نظام الهيمنة الجديد الشبيه بالنظام المختلط القديم هو انه بعد استلام السلطة مباشرة بدأ الطعن بالظهر لأقرب المقربين دينياً وسياسياً لسنوات. فكيف يكون العماد عون يريد السلطة بشراهة وهم بالرغم من كل فشلهم الوزاري وخاصة بعد التمثيل والفتفتة يعودون زاحفين الى مناصبهم ولو كان الشيطان جليسهم شريطة الا يخسروا الكراسي ويا للعجب! يطالبون برحيل العماد لحود ولا يعترفون بشرعيته وفجأة نراهم يجتمعون من جديد باسم مصالح الناس ليربحوا توقيع الرئيس لحود الشرعي فجأة لتمرير صفقاتهم ومشاريعهم. ومن عالمة نفس اليكم هذا التشخيص: قد لا تكونوا مصابون "باللاوعي في ممارسة الديكتاتورية" ولكنكم حتماً مصابون ب "السكيزوفرينيا" والازدواجية في الشخصية! وأنا المطلعة جيداً جداً على كل مراحل علم النفس من فرويد الى لاكان ومن داروين الى بايزمان....

أخيراً وليس آخراً لفتتني جملة "...الشرفاء منهم في التيار الوطني الحر..." انكم لمشكورون على ضربة المسمار تلك بعد ضرب الحافر حتى الموت، ولكن قد تنجحون في استغلال ازلامكم وانصاركم ولكنكم لن تفلحوا مع أنصار العماد عون لأنهم يملكون الوعي واللاوعي الكافيين لغربلة الأمور واختيار ما يتوافق وميادئهم الصالحة والصحيحة، والتمييز بين الطائفي والمدني، بين الاستغلالي والاستقلالي وبين الديمقراطي والديكتاتوري؛

وللتاريخ فقط: نحن لا نسأل العماد عون "كيف يأمل بالحصول على دعمنا لتحقيق غايته الوحيدة وهي رئاسة الجمهورية"، أولاً ما همكم بآمالنا؟ ورجاءً اغرقوا في مصالحكم ولا تقلقوا بشأننا فنحن قد بلغنا سن الرشد منذ زمن، كما ورجاءً عدم التكلم باسمنا والكف عن الاستنتاجات اذ انكم على ما يبدو تبنون كل قصوركم على أوهام من صنع خيالكم لأننا نؤكد لكم اننا نحن من يريد العماد عون رئيساً ونحن من يرشحه ويدعمه وليس العكس لذا سنخبركم آسفين وان سببنا لكم خيبة ان العماد عون يحمل قلقاً وثقلاً في ذاته كلما فكر "كيف نأمل نحن بالحصول على دعمه أحلامنا لتحقيق غايتنا الوحيدة وهي بناء الجمهورية"!

ليست هناك تعليقات: