20.6.05

هل تغني فيروز يوماً لهيفا وهبي؟

مع احترامي المطلق لكل من سترد اسماءهم وتقديري الكبير لأعمالهم كبيرة كانت ام صغيرة، وبالرغم من استغراب البعض طرح هذا السؤال ولكن متى عرف السبب بطل العجب لذا دعونا نستعرض معاً الواقع الفني في لبنان الحضاري اليوم:
الكل يغني، الكل يعرض والكل يطلب ولكن ليس الكل يبقى ولا الكل يطرب....

- هل يمكن ان نرى يوماً فيروز السيدة تعتلي خشبة المسرح نفسها وهيفا وهبي؟ مع احترامي لمزايا هيفا ولكن بالتأكيد لا! ففيروز القمة لا يمكن تصنيفها الا مع القمم. قد تسعى هيفا وزميلاتها ربما الى اعتلاء قمة شبيهة بقمة فيروز ولكن فيروز هي القمة بحد ذاتها اما الاخريات الجميلات كهيفا يصعدن القمة بسرعة ومن ثم يتركنها لغيرهن بسرعة أيضاً لأن قممهن زائلة مبنية على الجمال والدلال ودائماً الأدلع والأدلق يصل ساحقاً من سبقه فيكون هذا هو ثمن الشهرة الكاذبة الفارغة والمؤقتة.... أما فيروز والصبوحة ووديع الصافي وماجدة الرومي مدارس نتعلم منها ونعلّم من خلالها أجيالاً لأنهم قدوة لا تزول وإرث لا يفنى..... ومهما حاول الدخلاء ابراز قوتهم الفنية عبر عضلات اجسادهم دون اصواتهم فالأصالة موجودة رغم ارادتهم قد تبعد لفترة ولكن في النهاية "بيدوب التلج وبيبيّن المرج"

- هل اذا غنت هيفا أو مي او اليسا او نانسي في بعلبك تغضب فيروز؟ بالطبع تغضب وعيب الا تغضب وهي سلطانة بعلبك، هذه القلعة المحصنة بحراسها الابطال وزوارها مشاعل للفن الراقي والطرب الأصيل. ولكن اذا غنت وردة في بعلبك يختلف الوضع تماماً حتى ولو كانت "وردة" وردة جزائرية هذا لا يغضب فيروز ولا هدى ولا سلوى القطريب ولا غسان صليبا بل يزيد بعلبك القلعة الحصن مقلع البطولات والملاحم شرفاً وشموخاً لأن وردة ضخمة كهياكل القلعة الصامدة بأمجادها العظيمة، وكذلك الجميع يعرف ان وردة وأصالة وكاظم وصابر لن يحتلوا القلعة بل سيحلون ضيوفاً أعزاء بفنهم الغني للبنان فيفخر الأرز بنشر فيئه فوق جبين هؤلاء عندها يرتقي التحدي الى مستوى الفن والابداع فيلقي جمال الصدر المدلوق والساق المعروضة جانباً فيصح القول بالفعل: "زينوا الساحة والساحة لنا..."

- هل يمكن ان يكون لهيفا جمهور أوسع وأكبر من جمهور فيروز؟ ربما حفلاتها تستقطب الآلاف ولكن بيقى البحث عن السبب؟ قد تحلم هيفا باستقطاب ذوق كل الاعمار والمناطق والبلدات وهذا حقها، قد تفعل كل ما بوسعها لانجاح حفلاتها ولجعل الصالات والمدرجات تغلي بالحضور الصاخب وال "Complet" ربما تشتري بنفسها التذاكر وتقدم الحفلات مجاناً وربما قد تتبع وسائل شتى ولكن الاشخاص نفسهم الذين يتكلمون عن الفن الراقي والطرب والعُرب تراهم نفسهم يصفقون للتنانير ويرقصون لأزرار القمصان المفكوكة والمفقوعة ومن ثم يرددون "شو هالفضائيات اللي ما بتستحي! شي بيقرّف، فنانين طالع نازل ... كل ما واحد غنّى تحت الدوش صار يغني فوق المسرح، العمى طق شرش الحيا...". هل ان التناقض في الشخصية الواحدة اصبح اليوم يعدّ انفتاحاً وتنوعاً وغنىً وثقافة؟

- هل عندما تغني هيفا في بلدتها تستقطب عدد المعجبين نفسه الذي تستقطبه خارجها؟ بالطبع لا! فخارج بلدتها جمهورها غفير وفير يستقبلها بالتصفيق والتهليل وخارج مساحة بلادها أيضاً أكثر بكثير أو ليس وضعاً غريباً؟ هل لأن أهل بلدتها شرقيين زيادة عن اللزوم بالرغم من انهم يفخرون بريتشارد غير يقبّل جوليا روبرتز وينتظرون القبلة بشوق أكثر منه ويشعرون بها اكثر منه ايضاً ولكنهم دائماً يعترفون لغيرهم ما ينكرونه لأنفسهم.... لو طرحنا السؤال نفسه عن فيروز في بلدتها فهي السيدة وملحم مفخرة كفرشيما والصبوحة شمس وادي شحرور... لا يكفي هيفا وهبي ان تبكي فيلمون وهبي كي يبايعها أهل كفرشيما بلدتهم ناسين حليم الرومي وماجدته، عصام رجي وشجنه وكل ما اعطت هذه البلدة من تراث فني وجمال ثقافي....

- ويبقى الطرح الأخير ان هيفا وزميلاتها يعرفن حجمهن جيداً ويكتفين بموهبتهن ولا يتبجحن ويدعين المزيد فهن لا يردن ان يكنّ فيروزاً ولا صباحاً لأنهن يعرفن حق المعرفة ان هذا حلم مستحيل ولكن المشكلة تكمن في من يعطونهن التصفيق والتأييد فيؤكدون استمراريتهن في الساحة الفنية مطلقين شعارات "فنانة لبنان والعرب" و "سيدة الفن الاولى" .... متناسين تاريخ الفن العريق وأسسه الصلبة مستهلكين ميزاتهن لمآربهم التجارية الرخيصة مستغلين دلالهن وجمالهن لملء جيوبهم المتخومة وبيع ضمائرهم الرنانة والطنانة....

لا أحد يجلس مكان فيروز ولا مكان لأحد في غياب وديع ولا أحد يملأ فراغ أبو وديع ولا فراغ في وجود نجوى ولا وجوداً للفن خارج اطار الصبوحة... حتى ولو ركض الآخرون بسرعة 300كلم/الساعة فلن يستطيعوا اجتياز أول معبر في طريق الفن الحقيقي وسيسقطون عند اول اختبار، مهما كانوا كثراً فالاستحقاقات الفنية أكثر.

ان فيروز لن تغني لهيفا لأن قد يكون هناك مئات من الهيفات كل يوم ولكن الفيروزات لا يأتين الا مرة في كل حياة والحياة هي فقط لمرة واحدة....

فيا جمهور الفن العظيم،

لا تجعلوا شفاه السيليكون تغشكم ولا رموش العزلان ولا العيون الصهباء ولا دموع التماسيح لأنه في النهاية لن يصح الا الصحيح: ان الارض الصالحة لا تنبت الا الزرع الصالح ومن يزرع الريح يحصد العاصفة.....
وكما في الساحة الفنية كذلك في الساحة البرلمانية.....والآتي قريب
annahar 06.09.05

ليست هناك تعليقات: