25.4.05

صارت معي

بضيعة صغيرة حلوي كتير، كان في بيوت صغار بس كتار، عايشين سوا. كل يوم بيلتقوا بيتصبحوا ببعض وكل واحد منن بيروح على شغلو. فينا نقول الأغلبية فلاحين، بيشتغلوا بالارض، بينكشوا وبيزرعوا، بيتعبوا وبيعرقوا وبآخر النهار بيتمسّوا ببعض وكل واحد بيفوت على بيتو شاكر ربّو على النعمة اللي عطاه ياها.

بس في بيت بهالضيعة مميّز عن غيرو، ما بيشبه باقي البيوت. صعبي زيارتو بكل الأوقات واذا بدو حدا يزورو بدو يحسب مية حساب. أهل هالبيت مزعّلين كل الضيعة واذا بتشوفن بتقول هني زعلانين لأنو "ضربني وبكى سبقني واشتكى..." بدّن يكون المختار بس من بيتن، يمكن لأن من زمان كان جدّن مختار وتعب واشتغل كرمال هالضيعة، حتى خلاها تضل خصبة وفيها حياة بس بهيداك الوقت كل اهل الضيعة ساعدوه وهني بعدن مصرّين انو جدّن وحدو يللي اشتغل ولازم تضل عباية المخترة بهالبيت.

بلا طول سيرة بيوم من الايام تعرّف واحد من ولاد هالبيت على صبية من الضيعة وعزمها لعندن زيارة. من الوصلة طلبت كباية مي، جابولها ابريق! هيدا كرم أهل الضيعة! واول ما رفعت راسا.....تتشرب أكيد... شافت ورقة معلقة على الحيط مكتوب عليها اسم شخص كان مختار بهالضيعة، بس سافر من زمان، وهني بيتمنوا انو ما بقا يدعس ضيعتن لأنو اجا مختار دغري من بعد جدّن وعمّن، مع انو عمّن هوي يللي سلّمو المخترة، ومن وقتا ما عادو قادرين يكون المختار منّن، وصارت لعبة الشاطر بشطارتو ماشية وصار كل مرة المختار يطلع من بيت.

تفاجأت كتير هالصبية لما شافت اسم هالمختار لأنو بيّا كان من اللي اشتغلوا معو متل كتار من أهل هالضيعة اللي حبوه وكان خلافو مع أهل هالبيت مش غريب، بيشبه خلاف تقريباً كل بيوت الضيعة معن...

كان مكتوب بالكعب، بس تقرا هالورقة منحب نعرف رأيك بصراحة، هون حبت هالصبية المندفعة تعطي رأيا بدون خوف، بصراحة بدون وقاحة، ويا كلمة اللي قالتها وخسرتها.... بلّشو أهل هالبيت مسبّات عن بو جنب، شي من الزّنار ونازل وشي من الزّنار وطالع، وهني بدّن بس "يللي متلنا تعا لعنا"، كل واحد بيجرّب يعطي رأيو عكس رأين بيكون عم بيهين هالبيت ومختار هالبيت -اللوم والعتب صار اسمن بهالبيت اهانة-... يعني يا محلا الضرب والقتل قدام الاهانات اللي سمعتا. والمسؤول عن هالبيت، الخيّ الكبير، واقف عم يتفرج، جاقر هالصبية، مش مفكر يردّن عنها مع انو شايفن كيف فلتو متل كلب مسعور وديب كاسر.

بالأول فكرت ما ترد وتنفد بريشا بس كيف بدا تضبّلّن لساناتن قدام أهل الضيعة، لأ! "ألف كلمة الله يرحمو ولا كلمة جبان"،وففتحت عليهن النار بكلمات كشفتلن الماضي كلّو حسب ما بيحكوا كل أهل الضيعة. قالتلن "الضيعة مش ملك أبوكن، مش بس وحدكن فلحتو هالأرض، كلنا كبّينا عرق بأرض ضيعتنا، كلنا جرحنا ايدينا بهالمنكوش، وكسرنا اجرينا بدعسة ناقصة... حاج كل ما دقّ الكوز بالجرّة تربحونا جميلة باللي عملوه بَيكن وجدكن...تذكّروا كيف بَيكن تخانق مع بيت الجيران ولهلق انتو ما بتسلموا ع اولادن مع انو انتو وياهن مش متخانقين بس ماسكين واجب... تذكروا كيف جدكن وعمكن تمرجلوا على أهل التلة العالية بالضيعة وعملتو حالكن تصالحتو نكاية بولاد هيداك الجار.... تذكروا وتذكروا وتذكروا...."

هون ولعوا وجنّ جنونن لأنها قالتلن شو عم يقولوا عنّن أهل الضيعة وكيف طول عمرن بدّن يحكوا ويعملوا اللي بدّن ياه من دون ما يسمعوا غيرن شو بدو.

وهيك من بعد ما فلّت هالصبية محمّمة بس راسا مرفوع، علّق الخيّ الكبير على باب البيت ورقة فيها كل أسامي ولاد الضيعة ومكتوب عليها:
“You are blocked on our website”

معليش اذا خسرنا هالبيت، المهم انو ربحنا كل باقي أهل الضيعة! والشاطر يفهم!....

ليست هناك تعليقات: