8.4.05

متواضع ككلام المسيح

يوحنا بولس الثاني طري كالطفولة، ابيض القلب كالزنابق، متواضع ككلام المسيح، فقير المنشأ، عفيف المسالك، ناسوته طيب مثل الحنان الالهي، شجاع بصورة مدهشة اذ يتكلم في اوروبا المترفة ضد الرأسمالية المتوحشة وضد الشيوعية بوضوح في بولونيا وكوبا على مسمع القادة السياسيين.

هذا كله أهّله لاقتحام العالم ولاسيما البلدان الفقيرة معزياً ومنهضاً للهمم، منصهراً بالشعوب، غير قابع على كرسيه، مطيعاً لقول معلمه: "اذهبوا". اذا أحببت الناس تذهب اليهم فيحسوا ان اطلالتك اطلالة الرب. يكتب ويعظ ويرشد بما يعتبره حقيقة سلمت اليه. يقول ما يعتبره كلمة الله ولا يريد ان يزيد عليها شيئاً. يقولها صلبة وقادرة ان تنسكب في القلوب بآن. يرعى الكاثوليك وهو خادم ولكنه يرعى العالم أيضاً على اختلاف الأديان فيه والحضارات. لا يغريه جمال هذا القصر الخلاب الذي هو الفاتيكان لأنه يسرح في غنى نازل عليه من السماء. ذلك ان الناس عنده ليسوا طبقات انهم جميعاً عائلة الآب.

لم أجد مثل بساطته في كل مرة استضافني فيها، ما طغى دوره وما استعلى وكأنه كاهن عادي لا يزال يعيش في مسقطه. "فالعمل والكلام كلاهما مذبح، اذا رأيت وجه الله ووجوه المساكين"، قال هذا شعراً وقاله فلسفة ولكن هذا كله بات عنده من مستلزمات الرسالة.

ولعل أهم ما كان عليه انه كان رجل صلاة ويجيء من القداس. لذلك كنت تحس انه مخطوف الى السماء، حر من هذه الأرض ومن زخرفها. وبسبب طاعته لمولاه غدا يصبر على آلامه التي كانت لا تطاق، ولكنه صبر لأنه يعرف ان سيده كان يريد ان يكمل الرسالة حتى ينهار هذا الجسد. وفي كل هذا كان مرتبطاً بمريم رفيقته الى ابنها.

هذا هو ميراثه العظيم الذي يبقى ملهمنا وقتاً طويلاً


المطران جورج خضر

07 نيسان 2005

ليست هناك تعليقات: