13.12.06

كلب العانس

عندما كنت في سن المراهقة كانت تقطن جنب منزلي شابة ناضجة، ليست بفائقة الجمال ولكنها كانت تحب لفت الأنظار ولو بالقوة وفي بعض الأحيان تستعين بفستانها "المكشوف" والاغراء غير المألوف وكأنها تستعمل اسلوب "الترغيب والترهيب" للوصول الى مبتغاها.

وها انا اليوم اصبحت في سن النضج وما زالت تلك تسكن بجواري ولكنها اليوم وبكل تأكيد بلغت سن اليأس فلم يعد "التفزلك والتشفلق" ينفع للفت الأنظار ولم يعد "التهديد والوعيد" يثير أي شاب قد يجد نفسه أمام "عانس" تعدّت الخمسين من العمر، ولا حتى الماكياج سينفع ليزيل آثار السنين ولن تعود عقارب الساعة الى الوراء لا بل ستمضي قدماً بالرغم من كل المحاولات.

وحيدة هي اليوم، لا حبيب ولا رقيب، تشعر بأنها لم تعد مرغوبة فتفرح لنباح كلب الجيران حين تعبر الشارع، حتى ولو أراد اخافتها بنباحه فهي تعتبره معجباً يتحرش بها وتحاول اقناع نفسها بأنها ما زالت مثيرة حتى ان الكلب يثور حين يراها.

وها هي اليوم تشتري كلباً، "تتغندر" به في الشوارع بعد ان فرغت جعبتها من أمور الحياة التي لطالما اعتبرتها أساسية كثقافة الشهوات وتجميع الليرات.... لم تتعلم شيئاً من الحياة الا سرقة الرجال من أحضان عائلاتهم وعدّ أوراقهم النقدية، فأوراقها اليوم فارغة، لم يعد لديها ما تفعله أو تفكر فيه لأن "زمن المودة عدّى" و"الشباب لن يعود يوماً".

كلب العانس تلك أصبح اليوم رفيقها الدائم والوحيد هو الذي يشاركها السير والتنقل كما يشاركها الجلوس تحت المائدة أو ربما عليها فمن يدري؟، كما وانه قد يكون من يدفىء فراشها ليلاً وصفارة الاستيقاظ عند الصباح. فهي تشعر بأنها ما زالت مرغوبة حتى ولو برغبتها الحيوانية تلك.

وها هي حال الفريق الحاكم اليوم، يحب لفت النظر بأية وسيلة كانت. يعشق الشتيمة ويعتبرها اطراء وان لم يجد شتيمة يقتات منها تراه يلهث متحمساً لشرائها. السلطة في بلادي لم يعد يهمها من يشاركها قراراتها فهي تستطيع بمالها شراء معجبيها ليصفقوا لها كل يوم دون ان تدرك بأن "ايام العز راحت" وقد أفلست جعبتها من كل وسائل الاقناع التي استخدمتها في الماضي لارغام البعض على الخضوع. هذه السلطة فقدت شبابها منذ زمن وتحاول ابراز مفاتنها المجعدة المثيرة "للاشمئزاز" من خلال استعمالها صوراً لأقطاب المعارضة بطرق غير لائقة مصورة اياهم كأطفال تحملهم ايادي ايرانية سورية، محاولة مرة جديدة لفت النظر اليها بأسلوب فارغ يخلو من المضمون السياسي التي لم تعتد عليه يوماً فأوراقها كلها فارغة كرأسها الذي لا ينتج الا الفراغ.

لا ييأسن الفريق الحاكم لأن حياته حتماً لن تفرغ من الشتائم فتاريخه مليء بها و"مستقبله" كذلك فهو معتاد على هذا النوع من المطر فقد روى به أهواءه لسنوات وها هو اليوم يروي ظمأ غرائزه السلطوية، فهو يمضغ الشتيمة و"ع قلبو أحلى من العسل" معتبراً ان شمس كانون....تمطر أحياناً.....

رولا أحوش
12.12.06

ليست هناك تعليقات: